بدأ يشعر في الشهور الأخيرة أن ثمة أشخاص يراقبونه ويتتبعونه, وأنهم يشيرون لبعضهم البعض حين يمر في الشارع, وأن السيارات تصدر إشارات ضوئية معينة حين يخرج من البيت, وأن إشارات المرور تتغير بناءا على تعليمات غامضة حين يمر بها, وأن زملاءه في الكلية التي يدرس بها ينقلون كل أخباره إلى الإدارة بأنه كثير الغياب وأنه على وشك أن يطرد من الكلية بسبب دسائسهم.وهو لم يكن متأكدا مائة بالمائة من هذه الأشياء التي أصبحت تزعجه وتؤرقه ولكن تكرارها لا يمكن تجاهله, ولذلك أصبح شديد الحرص في تحركاته, وشديد الحذر في كلامه وتعاملاته مع الناس فقد اكتشف أنهم ليسوا بالبراءة التي كان يعتقدها, وأن أفعالهم تصدر عن نوايا سيئة, وأنهم يضمرون له أشياء سيئة وينتظرون الوقت المناسب لكي ينفذوا خططهم.
فجآت لحظة الحق التي كان منها يحيد وتم فصله من الكلية ليس بسبب دسائس زملائه ولكن بسبب حالة الشك الكبيرة هذه التي أصبحت تلازمه و التي جعلته يمتنع حتى عن الذهاب مرة أخرى للكلية وظل فقط منزويا في بيته لسنتين متواصلتين. .
كل ما سبق يهون, ولكن الطامة الكبرى هي أنه اكتشف أن الفتاة الجميلة التي زارته رفقة قريبتها ذات مرة جزء من المؤامرة المحيطة به, وأنهم على اتصال بالآخرين الذين يراقبونه ويتتبعونه ويريدون الفتك به في أي لحظة. بدأ يراقب تصرفات الآخرين فعلا فشعر أن جاره الجديد أصبح يطلق ليلا ونهارا جهارا أغنية شوجو كان يكرهها منذ أيام دراسته الإعدادية وقبل هذا بزمن تذكر في لحظة يأس وغبن كيف أن أمه قبل أن يقرر الانفصال عنها والمجيئ لطوكيو كانت دائما حين تدخل لتنظف غرفته تقضي وقتا أطول من المتوقع وأنها ربما تقوم بتفتيش ملابسه وأدراج مكتبه, وربما تقوم بزرع جهاز للتنصت عليه, وأن أخاه يدخل الغرفة بعدها ليتابع ما حدث, وأن كل هذا يحدث بتوجيه من أبيه الذي لا يشعر بالارتياح في التعامل معه, وأنه ربما يكون مدفوعا من جهات سيادية تعاقبه على علمه بأخطر مؤامرة عرفتها البشرية والتي هي مؤامرة "إن إتش كي"..
وفي يوم من الأيام كان في حالة فرح شديد نادر بعد سهرة قضاها في بيته مع زميلته السابقة والتي كان يدعوها ومازال بـ"سينباي" لكن الظاهر أن سينباي هذه ليست بحالتها الطبيعية تلك الليلة فهو الذي تعود عليها دائما أن تحذره من المؤامرات الدفينة والأساليب الشيطانية التي تقوم بها منظمة "الإن اتش كي" فنظر في سحنات وجهها الجميل ووجده مكتئبا تعيسا على غير عادته ثم نظر فرأى ذلك المنظر الذي اقشعر به بدنه دموع منهمرة من أعينها الجميلة البراقة تسقط كقطرات مطر الصيف السميكة ،فعلم لاحقا أنها تخطط لشيء ما ،وفي لحظة سوء فهم منقطعة النظير فُهم من حديثه الموجه لـ"سينباي" أنه يوافقها على أي قرار تتخذه .
كيف لا وهي الفتاة الوحيدة التي أحبها فعلا بعمقها وجمالها وكلامها العذب رغم أنها تسهب كثيرا في فكرها المؤمراتي ولم يدرك بطلنا المسكين حينها أنها تفكر في الإنتحار ووضع حد لحياتها وكل ذلك بدأ عبر فكرة "الاجتماع المنفصل" عبر صفحة من صفحات الويب يُجمع مرتاديها على تنفيذ الانتحار الجماعي بإحدى الجزر النائية ورغم جهله بدايةَ إلا أنه علم لاحقا وبعد فوات الأوان أنه ذاهب الى مصيره المحتوم لكنه يدرك فعلا في قرارة نفسه أن بإمكانه التراجع فعلا عن الفكرة طالما لم تغادره الروح بعد بفعله المحرم ،لكن جزءا ليس بالصغير من كينونته يحرضه على الاستمرار فلا قيمة لحياته هذه بنظره ولا شيء يجعله متعلقا بهذه الحياة التعيسة اللعينة وكيف يُفوت فرصة لا تعوض ولا تقدر بثمن وهي موته مع حبه الوحيد في نفس الزمان والمكان ولو على أطراف منحدر مظلم .
هذه القصة الأصلية من رواية Welcome To the NHK والتي حصلت على أنمي في نفس سنة صدور الأنمي الشهير "الديت نوت" والتي تعرضت طبعا للتحريف سواء من حيث الأحداث أو من حيث النوع عبر تحويلها من رواية درامية نفسية إلى أنمي درامي نفسي لكن مع روتوشات من الكوميدية السوداء.
ويتعلق الأمر في الرواية الأصلية بالبطل "ساتو تاتسيهيرو" وهي قصة تكملتها أن هذا الشاب ذو الإثنى والعشرون عاما فشل في مناسبتين من الولوج للكلية التي كان يحلم بالدراسة فيها , وأصابه إحباط شديد مما آلت إليه الأمور بعد فشله المفاجئ هذا, وحاول السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإكمال دراسته في التخصص الذي يريد لكنه وجد الطريق مسدودا, ولديه مشكلات مع والديه إذ يشعر أنهما يفضلان أخاه عليه في كل شيء, وأصبح يشعر باغتراب شديد وغضب نحو المجتمع ولهذا اعتزل أغلب الناس, وكان المهرب الوحيد لديه أن يجلس مع أصدقائه على مقهى في منطقة نائية وعرف معهم تدخين المخدرات, وأعجبه ذلك جدا حيث شعر معه بالاسترخاء والانبساط وجعله لا يفكر كثيرا في مشاكله ولا ينشغل بمستقبله ولا يتأثر بأي شيء حوله. باختصار وجد في المخدر ضالته على الرغم مما حدث له في أول مرة تعاطاه حين شعر بدوخة ودوار وميل للقيئ وحالة من الخوف استمرت معه لنصف ساعة, ولكن هذه الأشياء لم تعد تعاوده...
ولما كان قد تربى على الترهيب من تعاطي المخدرات فقد أصابه القلق في البداية من أن يصبح مدمنا وهو الذي عاش حياته متفوقا دراسيا وبريئا اجتماعيا, ولكن أصدقاءه طمأنوه بأن هذا المخدر –والذي رفض كاتب الرواية تبيان نوعه- ليست من المخدرات بل هي من الأعشاب وأنه لا يسبب إدمانا بدليل أنهم يتعاطونه في أي وقت ويتوقفون عنه متى شاءوا, وقد كان لديه ميل لتصديقهم, إذ لم يعد يتصور أن تستمر حياته بدونه, إذ معه يشعر أن الدنيا ذات مذاق مختلف, وأنه لا يستطيع أن يتكلم مع أصدقائه وصديقاته بيسر وطلاقة إلا إذا كان منتشيا بتأثيره ،وأن هذا المخدر يجعله يتحمل الظروف المحيطة به دون أن يتألم. ودون أن يقلق ويحزن.
حاول كاتب الرواية أن يحذر شباب اليابان من الحالة التي أصبحت منتشرة المجتمع الياباني وهي تعاطي المخدرات والتي تؤدي لاحقا لتفاقم حالات الهيكيكيموري والنييت وبصفة عامة الأشخاص الذي يعتزلون المجتمع ويتقوقعون في منازلهم عبر خلقهم لعالم آخر خاص بهم عبر لعب الألعاب الافتراضية والنوم لستة عشر ساعة متواصلة ،الشيء الذي ينعكس سلبا على الاقتصاد الياباني بوجود حالات شبابية غير منتجة وتشكل عالة على أسرهم ،واكتفى الكاتب في النهاية بتوجيه رسالة الى الذين يتكفلون بمصاريف مثل هذه الحالات بالتوقف عن فعل ذلك فهذا الشيء سيؤدي لا محالة إلى خروج المعني بالأمر الى الخارج للعمل بعد إحساسه بالجوع وفقدان مصدر الإعانات المادية، لكن لم يعلم هذا الكاتب أن روايته هذه كانت سببا إضافيا لبعض قارئيها لتجربة تدخين المخدرات بعد مبالغته أحيانا في توصيف لحظات السعادة التي يحس بها المنتشي بالمخدر لذلك فالظاهر أنه فشل فشلا ذريعا في إيصال رسالته النبيلة هذه..
ويتعلق الأمر في الرواية الأصلية بالبطل "ساتو تاتسيهيرو" وهي قصة تكملتها أن هذا الشاب ذو الإثنى والعشرون عاما فشل في مناسبتين من الولوج للكلية التي كان يحلم بالدراسة فيها , وأصابه إحباط شديد مما آلت إليه الأمور بعد فشله المفاجئ هذا, وحاول السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإكمال دراسته في التخصص الذي يريد لكنه وجد الطريق مسدودا, ولديه مشكلات مع والديه إذ يشعر أنهما يفضلان أخاه عليه في كل شيء, وأصبح يشعر باغتراب شديد وغضب نحو المجتمع ولهذا اعتزل أغلب الناس, وكان المهرب الوحيد لديه أن يجلس مع أصدقائه على مقهى في منطقة نائية وعرف معهم تدخين المخدرات, وأعجبه ذلك جدا حيث شعر معه بالاسترخاء والانبساط وجعله لا يفكر كثيرا في مشاكله ولا ينشغل بمستقبله ولا يتأثر بأي شيء حوله. باختصار وجد في المخدر ضالته على الرغم مما حدث له في أول مرة تعاطاه حين شعر بدوخة ودوار وميل للقيئ وحالة من الخوف استمرت معه لنصف ساعة, ولكن هذه الأشياء لم تعد تعاوده...
ولما كان قد تربى على الترهيب من تعاطي المخدرات فقد أصابه القلق في البداية من أن يصبح مدمنا وهو الذي عاش حياته متفوقا دراسيا وبريئا اجتماعيا, ولكن أصدقاءه طمأنوه بأن هذا المخدر –والذي رفض كاتب الرواية تبيان نوعه- ليست من المخدرات بل هي من الأعشاب وأنه لا يسبب إدمانا بدليل أنهم يتعاطونه في أي وقت ويتوقفون عنه متى شاءوا, وقد كان لديه ميل لتصديقهم, إذ لم يعد يتصور أن تستمر حياته بدونه, إذ معه يشعر أن الدنيا ذات مذاق مختلف, وأنه لا يستطيع أن يتكلم مع أصدقائه وصديقاته بيسر وطلاقة إلا إذا كان منتشيا بتأثيره ،وأن هذا المخدر يجعله يتحمل الظروف المحيطة به دون أن يتألم. ودون أن يقلق ويحزن.
حاول كاتب الرواية أن يحذر شباب اليابان من الحالة التي أصبحت منتشرة المجتمع الياباني وهي تعاطي المخدرات والتي تؤدي لاحقا لتفاقم حالات الهيكيكيموري والنييت وبصفة عامة الأشخاص الذي يعتزلون المجتمع ويتقوقعون في منازلهم عبر خلقهم لعالم آخر خاص بهم عبر لعب الألعاب الافتراضية والنوم لستة عشر ساعة متواصلة ،الشيء الذي ينعكس سلبا على الاقتصاد الياباني بوجود حالات شبابية غير منتجة وتشكل عالة على أسرهم ،واكتفى الكاتب في النهاية بتوجيه رسالة الى الذين يتكفلون بمصاريف مثل هذه الحالات بالتوقف عن فعل ذلك فهذا الشيء سيؤدي لا محالة إلى خروج المعني بالأمر الى الخارج للعمل بعد إحساسه بالجوع وفقدان مصدر الإعانات المادية، لكن لم يعلم هذا الكاتب أن روايته هذه كانت سببا إضافيا لبعض قارئيها لتجربة تدخين المخدرات بعد مبالغته أحيانا في توصيف لحظات السعادة التي يحس بها المنتشي بالمخدر لذلك فالظاهر أنه فشل فشلا ذريعا في إيصال رسالته النبيلة هذه..
0 التعليقات على " Welcome To The NHK ~~ لأنهم يكرهونني قررت الإعتـــزال وحيداً "